Powered By Blogger

samedi 18 décembre 2010

الأغلبيـــــة الصامتـــــة
















إن المــــراقـــب للـــوضع السيـــاســـي فـــي بلــــديــــة العمـــــاريــــة، و كــــل مهتــــم بالسيـــاســـة، لا بـــــد أنـــه يـــــــدرك أن الساحـــــة و رغــــم محــــدوديـــــة إمكــــانيــــاتها البشريــــــة و الفكريـــــة، فالبلديـــــة ذات طابــــــــع ريفــــي جـــــل سكــــانـــها يشتغــــل بالفــــلاحــــــة  و رغــــم وجــــود أحـــــزاب تعتبـــــر تقليــــديــــة و تــــاريخيــــة أي ( ذات شعبيــــــــــة ) إلى أنــــها تعيــــش فـــــراغ سيـــاسي كبيــــر قــــد تكــــون أسبــــابـــه معــــروفــــة  لا يجهلـــها حتـــى مـــن لا يهتــــم بشـــؤونـــها ،

فكانــت النتيجــة هــــي القطيعــــة بيـــن الشعــــب وبيـــن مـــن يحاولــــون عبــثا فــــي المنـاسبــات السيــاسيـة
و المـــــواعيـــد الانتخابيـــــــة جلــــب الاهتمـــام بأفكـــــار باليــــــة و بـــرامج خــــاويـــة و وعــــود كــــاذبـــة
فانعــــــدام الثقــــــة و غيـــــاب النـــــزاهـــة و استحالــــــة الترشـــــح في بعــــض الأحـــــزاب إلا عـــــن طريــــق المحســــوبيــــة و الجهـــــويــــة فالعصبيــــة القبليــــة أهــــم مــــن الانتمــــاء السيــــاســـي و التطــرف
 الدينــي أهــــم مـــن المصلحــة العامــة  و في وســــط هــــذه الفــــوضى وجـــــد مصطلح الأغلبيــة الصامتــة

ففي أخــــــر استحقــــاق انتخـــــابــــي تجلـــــت هــــــذه الصــــورة بوضــوح فكانــــت الأغلبيــــة الصامتــــة تمثــــل نسبـــــــة فاقــــت كل توقعـــــات أشـــــــد المتفائليــــن و تلقـــــت الأحــــــزاب ضربـــــة موجعــــة كشفــــت عـــــورة كــــــل مـــن راهــــن على سذاجـــــة الشعــــب رغـــــم كـــــل ما بذلـــــوه مـــــن وسائـــل ماديـــــة و بشريـــــة  فــي حملات  التضليــــل ،

فــــلا جبهـــــة التحريــــر بتــــاريخـــها المجيــــد و إمكـــانيــــاتـــها الموروثـــة و الغيــــر محــــدودة و إخــــــلاص منــــاضليـــها استطـــــاعــــت أن تلـــــم شمـــــل أبنــــائـــها و أن تـــــوحــــد شتــــات صفـــــوفـــــها بـــــل كـــــان الخــــلاف ينخــــر هيكلـــها الداخلــــي المتهــــاوي في صراعـــــات شخصيـــــة و جهويـــــة و تصفيـــــة حسابــــات قديمــــة بيـــــــن أعضـــــائها المنتهيــــــة صــــلاحيتهـــم ليـــس السيــــاسيـــة فحســـب بــــل حتـــى الزمنيـــــة أوراق مكشـــــوفـــة يعرفـــــها الشــــارع السيــــاســـي منــــذ زمـــــن الحـــــزب الـــــواحــــد و بعــــده و في ظـــل ذلــــك الصــــراع علـــى تمثيــــل هــــذا الحـــزب العتيـــد و في غيـــاب النــــزاهة و الديمقراطيــة تمخضــــت القائمـــــة بمــــا كـــــــان متوقــــعا من الشارع،
 إن تصميــــم جبهـــــة التحريـــــر في بلديـــــة العمــــاريــــة على البقــــاء فـــي مستنقـــــــع الجهـــوية و المحسوبيــــة و العصبيـــــة أضعــــف قائمتــــها و ممثليـــها أكثـــــر مـــن أي زمــــن سابـــق مما أدى إلى نفـــــــور قاعــــدتــــها الشعبيـــــة التقليـــــديــــة و المتعــــاطفيــــن سياسيا معـــها رغم محاولــة بعـــــض الشبــــاب
و الوجـــــوه الجديـــــدة مــــن إصــــلاح الوضــــع لكـــن دون جــــدوى
حتى أنـــــه و بعـــــد فـــــرز الأصـــــوات الشحيحـــة  التــــي لا تسمــــن و لا تغنــــي مـــن جـــــوع بــدأ تبـــادل الاتهامات بالخيانـــــة بيــــن مناضليــــها فالرقــــم أدخــــل الشـــك فــــي نفــــوسهــم المتعطشــــة للسلطــــة
فكانــت الفضيحــــة كمـــا وصفـــــها أحــــد أبنـــائـــها

أما حركــــة مجتمــــع السلــــم فلـــــم يكــــن حظــــها أوفــــر ممن سبقــــها  ، رغم حســـن تنظيمــــها الداخلـــــي
المشهــــود له في عمـــــــرها السياســــي القصيــــر و رغــــــم مذهبـــــها ذو التــــوجــــه الإســــلامـــي المزعــــــوم ، و استفــــادتــــها من المتعاطفيــــن سيـــاسيـــا مــــن بقايــــا الحــــزب المحظــــور الإسلامي التوجــــه، و رغــــم مـــا تكتسبـــــه قاعدتــــها مــن نوعيـــة التـي تعتمـــــد علـــــى الشبــــاب المثقــــف و على عنصـــــر المـــــرأة الـــــــذي أهملــــه غيــــرها مـــن الأحـــــزاب، فهي تمتلك قــــــاعــــدة  مستقــــرة كانــــت تحسبــــها مضمونـــة  
لكن ما كــــان يعيــــب غيــــرها أصبــــح عيـــبا فيـها ، فبعـــــد أن تــــذوقــــت طعــــم بعـــض الكـــراسي في الاستحقــــاقات السابقـــــة ، تخلـــــت عـــــن ما كــــان يميــــزها عــــن غيـــــرها و أهـــــم أسبــــاب فشلــــها هـــو تفــــــــرغ الحركــــة للعمــــل السيــــاســـي علـــى حســـاب العمـــــل التــــربـــوي و الاجتماعـــي و الإصـــــــــلاحي بشكــــل عام متناسيــــة، أن العمــــل التـــربـــوي هــــو الـــذي صنـــع مـــع الـــوقت تــلك القـــــاعــــدة التــــي
تفخــــر بـــها اليـــــوم و التــــي اعتمــــدت عليــــها فــــي كــــل المنـــاسبـــات الســـابقــــة ، فجمعيــــة الإصــــلاح و الإرشــــاد  لم يبـــــق منـــها اليــــوم فــــي الــــواقـــع الملمـــوس  غيـــر التسميـــة، إن انشغــــال أعضـــائـــها بالسيـــاســـــة أو بالكراسي و مصالحهم الشخصيــــة حتـــى أصبــــح يعــــرف بحــــزب المقـــاوليـــن فأغلـب الوجـــــوه التـــي فــــــي الواجهــــة السيـــاسيــــة  أو التـــي تقــــف خلفـــــها تدعمــــها انصـــرفـــت للعمـــل الشخصـــي و هــــذا ما أضعــــف موقفــــها و نضــــــــب مـــــوردها البشـــــري مــــن المنـــاضليـــن الشبــــاب ،
و ما زاد من ضعفـــها و وهنـــها هـــو انتشــــار خــــلاف داخلي و صــــراع على سلطــــة الحــــركـــة، و غيــــاب المصداقيـــــة و فــــرض بعــــض الشخصيــــات علــــى الحــــركـــة بـــدون تــــزكيــــة الأغلبيــــة في كـــل استحقــاق انتخابـــــي  أدى إلــــى انقســــام صفـــــوف الحــــركـــة ، و رغـــــم كــــل الجهــــود المبذولة و الإمكانيــــات التـــي لا تُصخــــر إلا فــــي مــــوعـــد الانتخابات كان الدرس قاسيـــا  و عبــــرة فضحــــت خبــــث النـــوايــــا يــــــوم فـــــــرز الأصــــوات قـــــد يظـــــن البعــــض أن ما حصلـــــت عليـــــة الحـــــركــــة مـــــن أصــــوات يعتبــــر فـــــوزا لكـــــن الحقيقـــــة و الأرقــــام تقـــــول العكــــس



الفائــــــز الحقيقـــــي هـــــو الأغلبيـــــة الصــــامتــــة التــــي اختـــــارت الحيــــاد و الابتعـــــاد عــــن هــــذا الـــوحـــل السيــــاســـي  العفـــــن الـــــذي يتمـــــرغ فيـــــه ضعــــــاف النفـــــوس و الــــذيــــن أفســــد الطمـــــع فــــي ما لا يستحقـــــون طبــــاعهــــم ، الفائـــــزون هـــــم مــــن بقيــــت أيــــديــــهم نظيفـــــة و نفـــــوسهم حــــرة تــــأبى أن تدلــــي بأصواتــــــها التي تعتبـــــرها أمانـــــة و مســــؤوليـــــة أمـــــام الشعــــب و أمــــام اللــــه
 الأغلبيـــــة الصامتــــة  هــــي تلك الطبقـــــة المهشمــــة سيــــاسيـــا و اجتماعيــــا الأغلبيـــــة الصامتــــة هي كــــل الشبـــاب البطـــــال الــــذي ينظـــر إليــه دائمـــا بالريبـــة وتحــــوم حولــه الشبهــات الشبــاب الــــذي تحاصره
آفة المخـــــدرات و الفقـــــر و البطــــالة و غـــــلاء المعيشـــــة و أزمة السكـــــن و غيــــرها مــــن المصائـــب التي لا يــــذكرها أي برنـــــامج  حزبـــــي بــــل لا  يعتــــرف  بهــــا فهـــــو لا يـــــرى هـــــؤلاء و لا يشعــــــر بــــوجودهم بـــــل يحتقــــرهــــم و يتعــــالى عليهـــــم و لا يـــــدرك قيمتهــــم إلا عنـــــد مــــوعــــد الانتخــابـات لا إنسانيـــــــة منهــــم بـــــل لقيمـــــة أصواتهــــم التي يعتقـــــد أنهـــــا ســــوف تفتـــــح لــــه الطــــريــــق إلــــى جنـــــة و نعمــــة الفــــوز بالكرسي المنشود ،


فأنــــا أدرك تماما و أعـــــي أن مــــن يعتبــــر نفســــه سيـــاسيـــا أو إصــــلاحيـــا أو وطنيــــا إن حسنـــت نيتـــه
لن يــــرضى بــــأن يشتـــــرك في هـــــذه اللعبــــة القـــــذرة التــــي  هدفـــها الوحيـــد هو تمكيــــن مجمـــوعة من سماسرة السياسيين يختبئون خلــــف  أقنعـــــة مزيفـــــة 
من سرقــــة  إرادة الأغلبيــــة  باســـم الديمقراطيــــــة، و استعمال السلطــــة لمصالحها الشخصيـــــة على حســـاب طبقــــة واسعــــة من الذين يحتاجــون يد المساعدة  و يقفــــون فــــــي وجــه الحصــول على حقــــوق المواطنين
البسطـــاء ،و أعلـــــم أن هنـــــاك نفـــــوس نـــــزيهــــة برهنــــت طــــوال هـــــذه الحقبــــة الســــوداء من الديمقراطية المزعومـــة أنهــا لـــن ترضى  هكـذا واقــع سيـــاســـي تشــوبه البغضــاء و الحقـــد و الجهويــة و العصبيـة القبليــــة و يتلاعب بمبادئ ثورتـــــه و تـــــاريخه و أصالته و دينـــــه باسم السياسة ،

فالأغلبيـــــة الصامتــــة عليها أن تخــــرج مـــن صمتها و لها أن تفكـــــر فــــي دور لــــها تقــــوم مـــن خــلالـه بمســؤوليتها غيــــرة على وطنــها و شعبـــها، و أن تقـــف فــي وجـــه كـــل الفاســـدين  الذيـــن يستغلـون هــذا الصمــــت أو يتجاهلونـــه ،  للحفاظ على مصالحهم و كراسيهــــم الزائلــــــة لا محال
  حب الوطــــن لا يكمـــن فـــي الهتــــاف لــــه وإنـــما في خدمتـــه والمساهمة في بنــــاءه والمحافظة على كل ما  يحويه و العاقــــل يــــدرك أنــــه لــــن يتــــم ذلك بالصمـــت.
 بــــل بالعمــــل كــــم أتمنـــى لــــو كـــان النـــاس و خاصة الشباب يحبــون وطنهـم مثـــل حبهــم كــرة القــــدم.

فعلى الأغلبيــــة الصامتـــة  أن تختـــــار بيــــن البقــــاء علــــى الهــــامش السيــاســي و العــــزلــة التــي لـــم تعد مبـــررة و بيـــن المبــــادرة بخلــق الأفكـــار الجديـــدة  و محاولـــة اقتنــاعـــها بالتغييـــر كحــل لا مفر منه
أمــــــام مــــا يشهـــــده الشــــارع السيــــاسي  مــن  فــــراغ لا يخــــدم مصلحتنـــا  
  .  فإنـــــها ستتجــــه من سيء إلـــى أسوأ



فالمرحلة القادمة هي الفرصة التي نرجو من شباب العمارية و أبنائها المخلصين التي تعاف نفوسهم
تلك الأمراض و الأفكار السلبية التي أورثتها سياسات الجهل بمعنى المسؤولية و خدمة الوطن بعيدا
عن المصالح الشخصية و العصبية الجهوية التي ما زالت للأسف تقف عقبة في وجه ثقافة سياسية
ناضجة و سليمة يتساوى فيها كل أبناء هذا الشعب ،هي فرصة و على كل المخلصين أن يبادروا بتغيير
الأفكار و غرس قناعة أن مصير بلديتنا بأيدنا بدءا بمحاربة و كشف أولئك الطفيليين من تخرجوا من
مراحيض السياسة القذرة لا تراهم إلا في المناسبات يروجون للفتنة و الظلال و يسعون للتفرقة بنشر
أفكارهم المتخلفة كالعصبية القبلية و الجهوية العنصرية التي ليست من مبادئ ثورتنا و لا من قيم شعبنا
  و كشف أولئك من اتخذوا من الدين وسيلة رخيصة و قناع زيف و ما همهم إلا مصالحهم الشخصية

فإذا أقنعنا أنفسنا بواجب المبادرة من أجل المصلحة العامة و عملنا معا لإقناع غيرنا ممن سئموا هذا الواقع
الذي أرهق بلديتنا فالأغلبية الصامتة قاعدة  شعبية لا تنتظر إلا رجالا مخلصين شرفاء يعرفون معنى النزاهة
و يقدرون معنى كلمة المسؤولية و يعرفون أنها تكليف و ليست تشريف و يدركون أنها أمانة في رقابهم
لا يسعون و يلهثون خلفها مثل غيرهم و ما أكثرهم و الحمد لله فالأرض التي أنجبت بالأمس أبطالا و قوافل
من الشجعان الأحرار من ضحوا بدمائهم من أجل هذا الوطن الغالي فبلدية 3200 شهيد ما زالت وفية للعهد
و ما زالت تنجب رجالا أكفاء  مثقفين و كل يعرف العدد الهائل من خيرة أبناء هذه البلدية الذين هجروا أو أجبروا على مغادرتها لأسباب ليست بمجهولة على أحد فالتهميش و البطالة و العنصرية الجهوية و المحسوبية
و غيرها من الأمراض تكسر كل طموح ،

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire